شذرات من المحاضرات مذاهب أهل السلف والخلف في المتشابه :-

شذرات من المحاضرات
العلامة الشيخ محمد المنتصر بن الشيخ محمد بن العلامة الشيخ إدريس الأزيرق
عضو جماعة علماء السودان



مذاهب أهل السلف والخلف في المتشابه

السلف: هم أهل القرون الثلاثة الأولي وقيل أهل الخمسمائة عام الأولي.

الخلف: هم من بعد هذه الحقبة أي بعد القرون الثلاثة الأولي أو الخمسمائة الأولي.

السلف:

مذهبهم التأويل وأيضا التفويض

التأويل: هو صرف اللفظ عن ظاهره مع تبيان المراد منه مع التنزيه لله عز وجل.

التفويض: هو تفويض المعني إلي الله عز وجل مع ترك اللفظ علي ظاهره مع التنزيه.

تنبيه:

مذهب التفويض اسلم لأنهم قالوا لو فسرنا النص بمعني يحتمل أن يكون غير مراد لله والمراد معني آخر فهذا اسلم.

والتأويل أحكم لان تفسير النص بحسب مجريات اللغة ومقتضياتها لأنه نص عربي مع مراعاة المحكم والتنزيه الكامل لله فهذا أحكم لظهور الفرق الضالة ولكثرة الشُبه في هذا الزمان.

التأويل في القران الكريم :

قال تعالي ( نسوا الله فنسيهم) السجدة . فظاهر الآيات إثبات النسيان لله عز وجل وهو نقص فلا نثبت صفة النسيان لان المحكم القطعي وقوله تعالي (ما كان ربك نسيا) مريم فإذا ما ورد بصفة النسيان لابد إن له معني غير المعني المتبادر فالصحابة وعلي رأسهم ابن عباس فسر النسيان بالترك.

ففي قوله تعالي ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) أوٌله ابن عباس بالترك أي في هذا اليوم وذلك يوم القيامة ننساهم يقول نتركهم في العذاب تفسير الطبري مجلد 5 ص201. ، فإذا تأملنا القرآن نجده يعلمنا التأويل.

السنة تدل علي التأويل :

ثبت في صحيح مسلم حديث رقم "2569" عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن الله عز وجل يقول يوم القيامة: ( يا ابن ادم مرضتُ فلم تعدني، قال يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض ولو عدته لوجدتني عنده . يا ابن ادم استطعمتُك فلم تطعمني، يقول كيف أطعمك وأنت رب العالمين يقول أستطعمك عبدي فلان ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يا ابن ادم استسقيتُك فلم تسقني، يقول كيف أسقيك وأنت رب العامين، يقول: استسقاك عبدي فلان ولو سقيته لوجدت ذلك عندي.)، فهل نثبت لله المرض والجوع والعطش ونقول بمرض وبجوع وبعطش لا كمرضنا وجوعنا وعطشنا؟؟؟ هذا باطل . مع أن تاء مرضتُ تدل عربيةً على أن المرض يتعلق بالمتكلم.

ومعني الحديث كما قال الإمام النووي مجلد 16 ص126:[ قال العلماء: إنما أضاف المرض إليه سبحانه تعالي والمراد العبد تشريفاً للعبد وتقريباً له] .

وعلي هذه القاعدة الواضحة للتأويل المبنية علي الكتاب والسنة سار الصحابة والتابعين وإتباعهم وأئمة الاجتهاد والحفاظ والمحدثون واليك أمثلة من التأويلات :

ابن عباس رضي الله عنه قال في حقه رسول الله صلي لله عليه وسلم اللهم علمه التأويل ).

1- قوله تعالي ( يوم يكشف عن ساق ) القلم.

قال ابن عباس: يكشف عن شدة الأمر (راجع الطبري) حيث قال في احد كلامه: [ قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل يبدو عن أمر شديد].

وهذا أيضا تأويل مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير.

2- ( والسماء بنيناها بأيدِِِِِ ) الذاريات، أي بقوة( راجع الطبري) ... ومنه لفظ اليد للإنعام والتفضيل كقوله تعالي ( وداؤود ذا الأيدي انه كان أواب ) .

الإمام احمد بن حنبل رضي الله عنه :-

1- روي الحافظ البيهقي في كتابه مناقب الإمام احمد بن حنبل وهو كتاب مخطوط نقل منه الحافظ بن كثير في البداية والنهاية مجلد 10 ص327 فقال:[ روي البيهقي عن الحاكم عن عمر والسماك عن حنبل أن احمد بن حنبل أوًل قوله تعالي ( وجاء ربك والملك صفا صفا) أي جاء ثوابه].

2- قال الحافظ بن كثير في البداية والنهاية مجلد 10 ص 327 ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون )، قال الإمام احمد: يحتمل تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه.

3- احتجوا علي الإمام احمد يوم المناظرة فقالوا تأتي يوم القيامة سورة البقرة وال عمران، فقال: إنما هو الثواب.

الإمام البخاري رضي الله عنه :

في تفسير سورة هود قوله تعالي: ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) أي ملكه وسلطانه.

صحيح ابن حبان: ـ

في صحيح ابن حبان مجلد 1 ص502 حديث ( حتي يضع الرب قدمه فيها –أي جهنم-....الحديث )، فقال هذا الخبر أطلق بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقي في النار من الأمم والأمكنة التي يعصي الله عليها فلا تزال تستزيد حتي يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلئ فتقول قط قط يعن حسبي حسبي لان العرب تطلق لفظ القدم علي الموضع قال الله جلا وعلا ( لهم قدم صدق عند ربهم ) يريد موضع صدق . فتأمل هذا المعني.

الإمام مالك بن انس رضي الله عنه:

روي الحافظ ابن عبد البر في التمهيد ( 7/143 ) والذهبي في سيرة أعلام النبلاء (8/105) أن الإمام مالك أوٌل النزول الوارد في الحديث بنزول أمره. قال مالك: يتنزٌل أمره، فأما هو فدائم لا يزول.

العلو- الفوقية- الاستواء مجازية معنوية في حقه تعالي:

دل علي ذلك القران والسنة ولغة العرب.

القرآن: ـ

( ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون )

( لا تخف انك أنت الأعلى )

( إن فرعون لعال في الأرض )

( ألا تعلوا على الله إني أتيكم منه بسلطان مبين )

( إنا فوقهم قاهرون )

( إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم )

( ....... وليتبروا ما علوا تتبيرا )

(ألا تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين)

السنة:

قال المشركون بعد معركة احد قال قائلهم ( اعلي هبل ) فرد عليه المسلمون بل الله اعلي واجل .

فما ورد عن لفظ علو سواء من الآيات أو السنة إنما هو مجاز أمر معنوي وهو ظاهر وليس حسي.

اللغة العربية:

نثرا:

قولك السيد فوق العبد.

قولك استوي الرجل أي هرم.

استوي الحاكم على المملكة أي ملكها.

استوي فلان على فلان

شعرا : ـ

ولما علونا واستوينا عليهم

تركناهم مرعي لنسر وطائر

وقال الشاعر :

استوي بشر علي العراق من

غير سيف ودم مهراق

فهذا كل لفظ علو أو فوقية أو استواء في حقه تعالي مجازي معنوي يدل على نفاذ القدرة وجريان المشية وليس أمر حسيا لان المحكم يقول ( ليس كمثله شي ).

قوله تعالي : ( سبح اسم ربك الاعلي ) ( الذي خلق فسوي ) فهو تعالي متحقق الوصف بالعلو قبل ان يخلق المخلوقات تأمل اسم ربك الاعلي الذي ...... خلق...... فقبل خلق العرش والسموات والاراضين والعالم هو متحقق الوصف بالعلو فاذا العلو هنا علو معنوبا بمعني قهر الربوبيه للعبدويه لان العلو الحسي كون الشي فوق الشي محال لعدم وجود مخلوق انذاك فكيف وهو وحده كان الله ولاشئ معه متصف بالعلو المطلق ازلا والذي كما بينت يعني قهر الربوبيه للعبدودية نفاذ القدرة وجريان المشيئة