شذرات من المحاضرات تعريف المتشابه :-

شذرات من المحاضرات
العلامة الشيخ محمد المنتصر بن الشيخ محمد بن العلامة الشيخ إدريس الأزيرق
عضو جماعة علماء السودان
تعريف المتشابه :-
لغة : كل ما لايهتدي إليه الإنسان . ومنه قوله تعالي ( إن البقر تشابه علينا )

اصطلاحا: كل نص في القران أو السنة موهما بظاهره مماثلته تعالي للحوادث في شي ما



حكمة ذكره ووروده :

ذ ُكِرَالمتشابه في القرآن مع انه إنما انزل لبيان الأحكام الشرعية وإرشاد العباد وهدايتهم لما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة لوجوه منها:-

1- إن القران نزل بلغة العرب وكلامهم منه المجاز والكناية والتلميح وغيرها من المستحسنات ومنه الموجز الذي لايخفي علي سامعه ولا يحتمل غير ظاهره والمطول للإيضاح والتوكيد فانزل الله القران على هذين الضربين ليتحقق عجزهم علي الإتيان بمثله لو أرادوا معارضته بأي ضرب شاءوا ولو نزل كله محكما واضحا لقالوا هل انزل بالضرب المستحسن عندنا

2- ان يشغل أهل الفكر والنظر برد المتشابه إلي المحكم فيتسع فكرهم ويهتموا بالبحث عن معانيه فيثابوا على تعبهم ولو انزله كله محكما لاستوى في معرفته العالم والجاهل ولضعفت الفكر وخمدت الخواطر ولكن مع الغموض تقدح الفكرة ويجتهد في استخراج المعاني

3- اختبار عباده ليتميز الثابت علي الحق ويقف عند التشابه ويرد علمه إلي الله تعالي فيعظم ثوابه ويتزلزل المنافق ويرتاب فيه ويزيغ عن الحق فيستحق بذلك العقوبة ولله في خلقه شئون



حكم الأخذ به :

أولا ً:ـ

العقيدة سميت عقيدة من العقد فهي تبنى علي الجزم واليقين وماكان غير ذلك من كل أمر لا يهتدي إليه أو يتردد أو يبن علي أمور أو أدلة ظنيه تعارض القطعي فيعتبر اعتقاد فاسد ساقط الاستدلال .

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( فمن اتقي الشبهات فقد استبرأ لدينه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ).

وقد ثبت عنه أيضا انه صلي الله عليه وسلم وجد تمرة ساقطة ببيته فقال ( لولا اخشي أن تكون من الصدقة لأكلتها ).

وثبت أن عدي بن حاتم سأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال إني أرسل كلبي علي الصيد واسمي عليه فأجد معه علي الصيد كلب آخر فقال له النبي صلي الله عليه وسلم لا تأكل إنما سميت على كلبك.

فتأمل تجد النبي صلي الله علي وسلم عندما اشتبه عليه أمر التمرة هل هي من الزكاة لان جمال الصدقة تمر بداره أو هي هدية أو من طعام المنزل ترك الأكل للاشتباه وكذلك عدي أمره بعدم الأكل لان الأمر قد يكون أن الذي صاد هو الكلب الآخر . ويحتمل كلبه الذي سمي عليه فحصل الاشتباه وكل ذلك الاشتباه، والشبهة تدور بين أمر احتمال مباح واحتمال حرام. فالأورع والأحوط تركه كما هو واضح من فعله و أمره عليه الصلاة والسلام .

فإذا كان الأمر هنا في باب العقيدة المتشابهة يدور بين الكفر والإسلام بين ان اعتقادك هذا محتمل فالعاقل الذي له ادني عقل يقول إن الترك واجب عيني .

من يجعل المتشابه عقيدة فهو زائغ ضال مضل :

أولا :ـــ

قال تعالي ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا اؤلوا الألباب ) آل عمران

فالقران ينقسم إلي :ـــ

أ/ محكم وهو ما كان ظاهر الدلالة كآيات الأحكام والوعد والوعيد

ب/ متشابه وهو كل نص موهما بظاهره مماثلته تعالي للحوادث

فالله تعالي بين حكم الأخذ به فقال تعالي ( فأما الذين في قولبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة )

قال ابن كثير الزيغ هو الميل عن الحق . فإذاً الوهابية وأمثالهم الذين يجعلون المتشابه دليل:ـ

1- في زيغ وضلال وانحراف عن الحق.

2- هم أصحاب فتنة أرادوا فتنة المسلمين في عقيدتهم.

ثانيا :

السنة:

روت السيدة عائشة رضي الله تعالي عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم تلي الآية {هو الذي انزل الكتاب ....الآية} ثم قال إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمي الله فاحذروهم .

ورد في شرح الزرقاني علي الموطأ (مجلد 3 شرح حديث رقم 1006 ) :ـــ

سأل رجل عبد الله بن عباس عن الأنفال فقال له بن عباس الفرس من النفل والسلب من النفل فعاد الرجل إلي مسألته فأجابه بمثل ذلك ثم عاد الرجل مسألته وقال الأنفال التي قال الله تبارك .... فقال ابن عباس: ما مثل هذا إلا مثل صبيغ الذي ضربه عمر.

( شرح الزرقاني علي الموطأ مجلد 3 حديث رقم 1006 ) .

قصة صبيغ:ــ

كان سيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه يتحسس أخبار أهل الشام فسال رجل فقال له الرجل فيهم رجل يسأل عن متشابه القران يقال له صبيغ فقال له سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لئن لم تأتيني به لافعلن بك فاحضره فقال له سيدنا عمر رضي الله عنه من أنت قال صبيغ فقال له عمر أنا عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ثم ضربه ثم حبسه فأخرجه وضربه ثم حبسه فقال له صبيغ يا ابن الخطاب إن كنت تريد إن تقتلني فأجهز عليَّ وان كنت تريد شفائي فقد شفيتني .

فنفاه من البلد وكتب إلي عامله بالبصرة أن حرم عطاءه من بيت المال ولا تجالسوه فعندما وصل البصرة قالوا لو كنا مائة وجاء صبيغ لتفرقنا، فخلاصة القصة فعل معه خمسة أشياء:ـ

1- الضرب.

2- الحبس.

3- النفي.

4- منعه الزكاة .

5- منع أن يجالسه الناس.

فهذه يا أخي الأحكام التي يجب أن تطبق على الوهابية.

الأخذ بالمتشابه وبظواهر النصوص يوجب تناقضا وتشبيها لله تعالي بالحوادث واليك ذلك:ـــ



الآيات التي يوهم ظاهرها انه تعالي في السماء:ـ

قوله تعالي: ( الرحمن على العرش استوي ) .

قوله تعالي بل رفعه الله إليه ) .

قوله تعالي أأمنتم من في السماء ).

قوله تعالي وهو القاهر فوق عباده ).

الآيات التي يوهم ظاهرها انه تعالي في الأرض:

قوله تعالي: ( وهو الله في السموات وفي الأرض ).

قوله تعالي وهو الذي في السماء اله وفي الأرض اله ).

قوله تعالي : ( فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله ).

قوله تعالي وإذا سالك عبادي عني فاني قريب ).

قوله تعالي وهو معكم أينما كنتم ).

قوله تعالي ونحن اقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ).

قوله تعالي ونحن اقرب إليه من حبل الوريد ).

قوله تعالي إني ذاهب إلي ربي سيهدين ).



الأحاديث التي يوهم ظاهرها انه تعالي في السماء:

1- حديث الجارية سألها النبي صلي الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء ( رواية مسلم) وسنناقشها ونبين ضعف الحديث.

2- حديث ينزل ربنا كل ليلة إلي السماء الدنيا........ الخ.

الأحاديث التي توهم ظاهرها انه تعالي في الأرض:

1- ورد في( زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:إن الله قِبل وجه أحدكم، فإذا قام يصلي فلا يبصق نحو القبلة.

2- قوله صلي الله عليه وسلم قال تعالي من تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة .

3- قوله صلي الله عليه وسلم: قال تعالي أهل ذكري أهل مجالستي....الحديث)

فالسؤال:ــ

هل نقول انه في السماء حقيقة ؟

أم في الأرض حقيقة ؟

أم فيهما حقيقة ؟؟؟

فإذاً الأخذ بظاهر النصوص يؤدي إلي التناقض ألا تري:ــ

قال تعالي ( يد الله فوق أيديهم ) بإفراد اليد .

وقال تعالي ( لما خلقت بيدي ) تثنية اليد.

وقال تعالي ( والسماء بنيناها بأيد.......) بصيغة الجمع .

فهل له يد أو يدان أو مجموعة أيدي ؟؟؟

ابن عباس فسر اليد بالقدرة أو القوة أو التفضل أو الإنعام هذا هو الحق.

قال تعالي : ( وداوود ذا الايدي ) بجمع اليد والواقع يفيد ان سيدنا داوود عليه السلام له يدان فقط فاذا لابد من تاويل لفظ الجمع الواردفي الاية .

قوله تعالي : ( وكل نفس ذائقة الموت ) فهل لفظ نفسه في قوله تعالي ( يحذركم اله نفسه ) تدخل لا ................ هذا كفر اذا لابد من التأويل

ملحوظة:ـ

1- (الجماعات المتطرفة) لم يسلكوا في النصوص مسلكا ًواحدا ًفتراهم يجنحون إلي تأويل التي لا توافق هواهم كقوله تعالي وهو معكم أينما كنتم ) ، ( ونحن اقرب إليه منكم ) وأمثالها ويتركون بعضها الأخر علي ظاهرها ابتغاء ما وقر في أنفسهم من عقيدة الجهة لله تعالي.

2- لم يأتوا إلي النصوص المتشابهة وهم منزِّهون، بل هم اعتقدوا عقيدة وأرادوا إثباتها فراحوا يتلمسون النصوص التي يوهم ظاهرها تأييدا لعقيدتهم.