مبحث المعراج :ـــ

شذرات من المحاضرات
العلامة الشيخ محمد المنتصر بن الشيخ محمد بن العلامة الشيخ إدريس الأزيرق
عضو جماعة علماء السودان

مبحث المعراج :ـــ

يزعم الجهلة أن النبي صلي الله عليه وسلم صعد إلي السموات إلي أن وصل إلي الله وحدثت المخاطبة ..... فهذا باطل لايقوله إلا جاهل بالقواعد العلمية .

تقدم أن الله خالق للسموات والعرش والجهة والمكان وخالق لكل شي فقبل خلق هذه الأشياء كان الله ولا مكان وهو علي ما كان لم يتحول وصفته باقية , وان زعم احد بأنه تحول إلي السموات وحل فوقها أو فيها حسيا ًفيلزم التغير من حالة إلي حالة وتلك صفة المخلوق وهذا كفر ، قال تعالي : ( ليس كمثله شيء ) .

فكما تجلي لسيدنا موسي عليه السلام في الأرض وخاطبه بحسب مقام الكليم موسي عليه والسلام ،كذا تجلي للنبي صلي الله عليه وسلم في موضع ما وصل إليه نبي ولا ملك ، فالأمين جبريل عند سدرة المنتهي قال لو تقدمت لاحترقت) قال تعالي : ( وما منا إلا له مقام معلوم ) فحصل التجلي هناك بحسب مقام النبي صلي الله عليه وسلم ولإظهار شرف وعلو قدر رسول الله صلي الله عليه وسلم وليظهر فضله بين الخلائق .

فليس جبل الطور بسيناء محلا ًلذات الله ، فكذلك ليس موقع المخاطبة والتجلي فوق سدرة المنتهي محلا لذات الله . وكذا المواقع التي وقع فيها الهلاك والدمار ليست محلا ًلذاته لأنه قال فأتي الله بنيانهم ) . وكيف يتوافق هذا مع قوله وهو معكم أينما كنتم ) فنحن في الأرض، إذا ًواقعة المعراج ظاهرة بأنها تجلي فقط لإظهار قدر رسول الله صلي الله عليه وسلم بين الخلائق .

ولو تأملت هذه المقارنة :

*سيدنا موسي في الأرض قيل له فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس ) وهو بالأرض. *والنبي الأعظم هناك همَّ أن يخلع نعليه فقيل له :{دُس بالنعل أنت السيد المفضل} .

*سيدنا موسي عليه السلام طلب الرؤية ولم يجدها ( ربي ارني انظر إليك )

*سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم وجد الرؤية من غير طلب كما قال عبد الله بن عباس .

*سيدنا موسي في الأرض عند التجلي خر مغشيا عليه .

*سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم في مقام المخاطبة كان كامل العقل لم يقع مغشيا عليه.

*سيدنا موسي عليه السلام طالِب لرضاء الله ( وعجلت إليك ربي لترضي ).

*سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم مطلوب مرغوب ( ولسوف يعطيك ربك فترضي ).

*سيدنا موسي عليه السلام وجد بعض العلم .

سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم قال ( وعلمت كل شي ) .

*سيدنا النبي مخاطبته في موضع لم يصله نبي ولا ملك .

*سيدنا موسى عليه السلام مخاطبته بالأرض .

*سيدنا موسى قال رب ِّ اشرح لي صدري) .

*سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم مطلوب ،قيل له (ألم نشرح لك صدرك).

*سيدنا موسى طالِب قالويسِّر لي أمري ).

*سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم مطلوب قيل له ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ) .

*سيدنا موسى عليه السلام قال واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي).

*سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم من غير طلب .

*سيدنا موسى طَالَبََ قال : (واجعل لي وزيرا ً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري).

*سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم جعل الله له سيدنا أبوبكر وزيرا ً ومن غير طلب .

ومن هنا يتضح أن سر التجلي لسيدنا موسى في الأرض ، والتجلي لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في بساط النور فوق سدرة المنتهى ليس إلا لسبب واحد : أراد أن يظهر شرفه ومكانته وسيادته وأن يرفع ذكره ، قال تعالى ورفعنا لك ذكرك).

ولذا عندما كان سيدنا موسي عليه السلام يراجع النبي صلي الله عليه وسلم ويقول له ارجع راجع ربك فالسر في ذلك:

السر في قول موسي إذ يراجعه

ليتجلي فيه النور حتي يشهده

يبدو سناه علي وجه الرسول

فيا لله در رسول إذ يدده

فالحكمة انه كان يقتبس من الأنوار الإلهية التي تظهر علي وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم فتأمل الحكمة .